Text Practice Mode
بواسطة آدون المير - انتحار تيجان الحبق - اللّوحة الأولى
created May 20th 2017, 05:49 by Bushra Almousa
0
268 words
7 completed
2
Rating visible after 3 or more votes
saving score / loading statistics ...
00:00
دع الأشياء تبحث عن معانيها، ودعني أبحث عن الأشياء التي تعود الآخرون على نسيانها. ورق شتائي أبيض، وخريف يغادر، ورطوبة رداء رث، وأمكنة حائرة.. حفيف أوراق البتولا، وأغاني حصاد القمح، وأقلام جف حبرها، ورائحة غبار… أما زالت السنديانة هناك كما عهدناها تشفق على الجائعين الذين يعبرون حارتنا غير مكترثين بدفء جدران أزقتها الطينيّة، بل حالمين بوجبة من السحلب والخبز الطازج، لعلها تخفف عنهم برد الصباح، وتنسيهم أنهم قضوا ليلتهم الفائتة من غير عشاء؟ للاغتراب معنىً واحد فقط؛ معنىً تعرفه أربطة حذائي المقطعة وثيابي الداخلية المهترئة… رحلت إلى زمن من الحبق، فغربتني فيزيائية عالم «سيمتريكي» متجانس الأجزاء…
لست أعرف ما الذي يحملني إلى مسكبة البنفسج في دارنا العتيقة، ولست أعرف لماذا أصبح للياسمين أثر آخر في خاطري، ولست أعرف لماذا أحب الحبق، ولماذا أحلم بجارة اسمها «قرنفلة».. لماذا أتوق إلى الدفء والحب ورائحة الكستناء المشوية.. ولست أعرف لماذا ترتاد مخيلتي صورة الطحان وحماره قبالة باب بيتنا، وصورة الحمال في سوق المدينة، ومنظر سترته الزيتيّة البالية الملطخة بالزيوت المعدنية.. ولست أعرف لماذا يكرهني الثلج، ويرفضني الفرح، ويتنصل مني الارتياح… كم من الوقت والياسمين أحتاج كي أهيئ وجبة من الأفكار البريئة! وكم من الخيانة يحتاج الياسمين كي يهيئ لي وجبة من الخيبة! هل أدرك أني أحاول خلق «لـه» لأحبه؟ «لـه» يجملني قليلا، ويبعد عني غرابة المكان، ويحنو علي فيعيد صياغتي مرة أخرى في صورة خالية من الحلم؟ لا سرير دافئ لقلبي، ولا شيء ينهض من حطام أفكاري سوى أفق رديء من الصلصال. عساني أغفل قليلا عن قسوتي، فأتمكن من خداع الوقت والجغرافيا كي أستعيد قدرتي على الأمل الذي قتلته العزلة، وعلى الاعتراف بمكامن وحدتي، وحيرة نبضي الأعزل… لا أحلم بالكثير، فجلسة حميميّة متواضعة مع من أحب تكفيني إلى حد الشبع.
لست أعرف ما الذي يحملني إلى مسكبة البنفسج في دارنا العتيقة، ولست أعرف لماذا أصبح للياسمين أثر آخر في خاطري، ولست أعرف لماذا أحب الحبق، ولماذا أحلم بجارة اسمها «قرنفلة».. لماذا أتوق إلى الدفء والحب ورائحة الكستناء المشوية.. ولست أعرف لماذا ترتاد مخيلتي صورة الطحان وحماره قبالة باب بيتنا، وصورة الحمال في سوق المدينة، ومنظر سترته الزيتيّة البالية الملطخة بالزيوت المعدنية.. ولست أعرف لماذا يكرهني الثلج، ويرفضني الفرح، ويتنصل مني الارتياح… كم من الوقت والياسمين أحتاج كي أهيئ وجبة من الأفكار البريئة! وكم من الخيانة يحتاج الياسمين كي يهيئ لي وجبة من الخيبة! هل أدرك أني أحاول خلق «لـه» لأحبه؟ «لـه» يجملني قليلا، ويبعد عني غرابة المكان، ويحنو علي فيعيد صياغتي مرة أخرى في صورة خالية من الحلم؟ لا سرير دافئ لقلبي، ولا شيء ينهض من حطام أفكاري سوى أفق رديء من الصلصال. عساني أغفل قليلا عن قسوتي، فأتمكن من خداع الوقت والجغرافيا كي أستعيد قدرتي على الأمل الذي قتلته العزلة، وعلى الاعتراف بمكامن وحدتي، وحيرة نبضي الأعزل… لا أحلم بالكثير، فجلسة حميميّة متواضعة مع من أحب تكفيني إلى حد الشبع.
